عندما تضعف قدرة السلطة على ابتكار الحلول الموضوعية المناسبة للمشكلات المتراكمة التي يعاني منها المجتمع، وعندما يسيطر اليأس على المواطن ويفقد ثقته بالسلطة، تنمو الرغبة العامة في الاحتجاج. وفي بعض الحالات يتم استخدام الاحتجاج العام وسيلة ضغط بهدف تحقيق نتيجة محددة بعد تغيير ميزان القوى، وهذا ما حدث فعلا بالنسبة للاحتجاجات الشعبية المتصلة بالوضع السياسي، فقد يأس الرأي العام من تقديم السلطة لحلول موضوعية، فخرجت الناس إلى الشارع، فتغير ميزان القوى فاضطرت السلطة إلى مسايرة الرغبة العامة، فتنحى رئيس مجلس الوزراءـ وتم حل مجلس الأمة.
وفي الكويت لدينا العديد من المشاكل المتراكمة، مثل «البدون»، وبالتالي فإنه من المتوقع أن يستدرج هذا التراكم الرغبة في الاحتجاج العلني أيا كانت الأسباب. ومع الأسف من الواضح أن السلطة لا تملك القدرة على تقديم الحلول الموضوعية لمشاكل المجتمع الكويتي رغم بساطتها، لذلك نراها تلجأ إلى محاولة «فرض عضلاتها».. ولو قلنا بأن وزارة الداخلية نجحت يوم أمس الأول بفض «تجمع البدون»، فهل هذا هو النجاح المطلوب؟
وفي الكويت هناك تداخلا بينا وواضحا بين شخصية الدولة وشخصية أفراد السلطة، وما عجز الدولة عن تقديم الحلول الموضوعية للمشاكل التي يعاني منها المجتمع إلا نتاج العجز الشخصي لأفراد في مراكز القرار. ففي الكويت تنعكس شخصية الوزير على وزارته وأعمالها، بل أن التدقيق في بعض الممارسات العامة يكشف لنا أن «أطباع وميول وأهواء» الوزير هي مقياس اتخاذ القرارات. ولأن البيئة السياسية في الكويت لا تدفع إلى المقدمة سوى شخصيات قليلة التأهيل، فمن الطبيعي أن تتراكم مشاكلنا وأن نصل دائما إلى نقطة اصطدام هنا ونقطة اصطدام هناك.
وفي الكويت هناك من يؤمن بفكرة «فرض الهيبة»، ولو سألته عن معنى «الهيبة» لجاءت إجابته بأنها «هيبة الشيوخ».. ولو سألته عن طرق «فرض الهيبة» لأجاب بأنها استعراض القوة.. ووفق هذا المفهوم المتخلف تتداخل شخصية الدولة مع شخصية بعض الشيوخ، وعوضا عن اندماجهم في فكرة الدولة، يريدون دمج الدولة في شخصياتهم.. إنه خلل كبير جدا من الصعب معالجته.