أين المعايير في قضية تجنيس ( البدون ) ؟
تسليم حركة الكويتيين البدون رسالة إلى رئيس وزراء
غير إنسانية وغير دستورية!
ولكن يبدو أنّ مجلس إدارة الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، وفق التسمية الحكومية المعتمدة للكويتيين البدون، لم يسبق له سماع شيء عن مثل هذه المبادئ الديمقراطية والإنسانية أو الاطلاع عليها... فقد اعتمد مجموعة عقوبات غير منصوص عليها في أي قانون وما أنزل الله بها من سلطان على الشباب الكويتيين البدون الذين تحركوا للمطالبة بحلّ قضيتهم الإنسانية العالقة، وشملت هذه العقوبات أهالي هؤلاء الشباب، بغض النظر عن مشاركة الأهل في التحركات من عدمها... حيث تشمل العقوبات “تسريح العسكريين من منتسبي الدفاع والداخلية من الذين يثبت تورط أولادهم في المظاهرات وأعمال الشغب”، و”سحب البيت الشعبي من كل مَنْ يثبت تورطه في أحداث الشغب ومخالفة القوانين السارية”، و”إلغاء البطاقة الأمنية للمشاركين في الأحداث الأخيرة”، و”شطب ملف التجنيس لكل مَنْ شارك بالفعل والقول والتحريض على مخالفة قوانين البلاد”، و”متابعة المحرضين من الذين يدعون إلى مخالفة القوانين ويحرضون على الفوضى عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وغيرها من الأجهزة”!
ومَنْ قرأ بيان مجلس إدارة الجهاز المركزي لابد أن يلحظ المنظور المتخلف وغير الديمقراطي الذي استند عليه، خصوصا عندما يصف بيان هذا المجلس حقوقا ديمقراطية أساسية مكفولة في الدستور مثل حرية التعبير وحرية الاجتماع وحقّ الاحتجاج بأنّها أحداث شغب.
ويزيد مجلس إدارة الجهاز طينه بلّة عندما استحدث عقوبات غير منصوص عليها في أي قانون، وتحديدا قانون الجزاء والمرسوم بقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات، إذ ليس هناك في القانونين أي عقوبات تتصل بتسريح العسكريين ممَنْ يثبت تورط أولادهم، أو تقضي بسحب البيت الشعبي، أو إلغاء البطاقة الأمنية، وإنما هناك فقط عقوبة الحبس وعقوبة الغرامة المالية، ولا يتم فرضهما إلا بعد إجراء محاكمة عادلة.
والأخطر من ذلك ما انطوى عليه بيان مجلس إدارة الجهاز من تجاهل فجّ لمبدأ شخصية العقوبة وإعلانه فرض عقوبة تسريح الآباء العسكريين من الخدمة إذا كان أبناؤهم من الشباب المشاركين في التجمعات... هذا كله بالإضافة إلى الإعلان المتبجح من دون مواربة عن الملاحقة البوليسية للمدونين والمغردين على شبكة الانترنت ورصد مساهماتهم والتعامل معهم كمحرضين، وهي ملاحقة لن تقتصر على الشباب الكويتيين البدون وحدهم، بل ستطاول أيضا الكويتيين الحاصلين على الجنسية ممَنْ تضامنوا مع القضية أو عبّروا عن تعاطفهم مع المشاركين في التجمعات.
ولنا بعد هذا كله أن نتصوّر أي حلٍّ بائس لقضية الكويتيين البدون يمكن أن يقرره مجلس إدارة الجهاز المركزي بعقليته هذه؟!
لا عزاء للدستور
بدون عنف يا «بدون»!
بدون عنف يا «بدون»!
مبارك بن شافي الهاجري
التحذيرات التي أطلقتها وزارة الداخلية قبل مظاهرة اخواننا البدون كانت تشي بأن هناك عنفا سوف يحدث، وان الداخلية لن تسمح بأن تنهار صورتها أمام الجمهور بعدم استخدام القوة، التي هددت باستخدامها! والبدون، الذين لا يجدون من المناصرين الا القلة، يركنون لبعض الأصوات، التي تحاول ان تستثمر قضيتهم، لمصالح شخصية، أقلها الدعاية الانتخابية، ويتجاهلون العقلاء الذين يطالبونهم بالصبر قليلا، ريثما يأتي وقت الوفاء بما وعدت به الحكومة على لسان رئيسها سمو الشيخ جابر المبارك.
لا شك ان هذه الفئة عانت ما فيه الكفاية من التلاعب بقضيتها، وتجاهلها، والتسويف فيها، وربما وصل الأمر بها، خاصة عند الشباب، الى حدٍ من اليأس، دفع بها الى تجاهل كل تحذيرات وزارة الداخلية ومطالبات العقلاء، وهو أمر لا تلام عليه، لكنه غير محمود العواقب.
ونحن هنا لا نحمل هؤلاء المتظاهرين من البدون المسؤولية وحدهم، بل نلوم أيضا الحكومات المتعاقبة، التي تراخت وتباطأت في حل قضيتهم، التي كانت بسيطة جدا في السنوات الماضية، ثم كبرت وعظمت، حتى تعقدت، وتشابكت مع استحقاقات أخرى للدولة.
ان مشكلة البدون، تاريخيا، تنحصر في فئتين: فئة امتنع أسلافها عن القبول بالجنسية من الدرجة الثانية عندما أقر قانون الجنسية.وفئة استوطن أسلافها الكويت والتحقوا بالجيش وقوات الأمن على وعد بالتجنيس.وهذه الفئة من العشائر المتنقلة، التي لم تكن تؤمن، في السابق، بالاستيطان ولا التجنس.
الآن، المشكلة تتعاظم، واللجان التي شكلت لحل القضية زادتها تعقيدا، وصار بعض أبناء هذه الفئة غير مستوف لشروط التجنيس، كما تقرر بعض تلك اللجان ان لم تكن كلها، لأنه ثبت عندها بالدليل القاطع انه ينتمي لاصول أجنبية، كندية وبوليفية ودنمركية وانجليزية وأمريكية، وغيرها، وهو أمر يدعو للسخرية!
وصار تجنيس الهنود وغيرهم أسهل من تجنيس هؤلاء!
ان التراكمات النفسية، والشعور بالغبن عند أبناء تلك الفئة لابد وان يصل بها في يوم من الأيام الى الانفجار، ولقد ظهرت بوادر هذا الانفجار في الآونة الأخيرة، وتداعت جموع منهم للتظاهر، في اعتقاد منهم ان مأساتهم الحقيقية لا تصل الى صنّاع القرار كما ينبغي! وصارت قضيتهم الآن في مقدمة القضايا المطروحة أمام الحكومة الحالية والحكومات القادمة، والمطلوب منهم ليس كثيرا، قياسا بالزمن الذي تحملوا فيه وكابدوا، فلينتظروا قليلا، وليصبروا، وليصغوا الى صوت العقلاء منهم وممن يتعاطفون معهم، لأن أي تحرك قبل النظر في أمرهم بشكل جدي لن يقود الا الى مصادمات قد لا تكون في صالحهم ولا في صالح الكويت، التي لا يُشك في أنهم يحبونها.